الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)
.الفن العشرون: أحوال أعضاء التناسل من الذكران دون النسوان: يشتمل على مقالتين:.المقالة الأولى: الكليات وفي الباه: .فصل في تشربح الأنثيين وأوعية المني: قد خلق الأنثيان كما علمت عضوين رئيسين يتولد فيهما المني من الرطوبة المتحلبة إليهما في العروق كأنها فضل من الغذاء الرابع في البدن كله.وهو أنضج الدم وألطفه فيتخضخض فيهما بالروح في المجاري التي تأتي البيضتين منٍ العروق النابضة والساكنة المتشعبة من عرق نابض وعرق ساكن هما الأصلان تشعب كثير التعاريج والالتفاف والشعب حتى يكون قطعك لعرق واحد منهما يشبه قطعك لعروق كثيرة لكثرة الفوهات التي تظهر ثم ينصب عنهما في أوعية المني التي نذكرها إلى الإحليل وينزرق في مجامع النساء وهو الجماع الطبيعي إلى الرحم ويتلقاه فم الرحم بالانفتاح والجذب البالغ إذا توافى الدفقان معاً.والأنثيان مجوفتان وجوهر البيضة من عضو غددي أبيض اللحم أشبه ما يكون بلحم الثدي السمين ويشبه الدم المنصب فيه به في لونه فيبيض وخصوصاً بسبب ما يتخضخض فيه من هوائية الروح.والمجرى الذي تأتي فيه العروق إلى الأنثيين هو في الصفاق الأعظم الذي هو على العانة.وأما الغشاء الذي يغشي الشرايين والأوردة الواردة إلى الأنثيين فمنشؤه من الصفاق الأعظم كما علمت في موضعه وبذلك يتصل أيضاً بغشاء النخاع وينحدر على ما ينحدر من العروق والعلائق في بربخي الأربية إلى الأنثيين فيتولد البربخ منه نافذاً.والغشاء المجلّل لما ينفذ في البربخ تولده أيضاً منه.وقد علمت في تشريح العروق أن البيضة اليسرى يأتيها عرق غير الذي يأتي اليمنى بالغذاء وأن الذي يأتي اليمنى يصب إليها دماً أنضج وأنقى من المائية.والبيضة اليمنى في جمهورور الناس أقوى من اليسرى إلا من هو في حكم الأعسر.وأوعية المني تبتدىء كبرابخ من كل بيضة بربخ كأنه منفصل عنها غير متكو ن منها وإن كان مماساً ملاقياً ويتسع كل واحد منهما بقرب البيضة اتساعاً له جوبة محسوسة ثم يأخذ إلى ضيق وإن كان قد يتسعان خصوصاً من النساء مرة آخرى عند منتهاهما.وهذه الأوعية تصعد أولاً ثم تتصل برقبة المثانة أسفل من مجرى وأما القضيب فإنه عضو آلي يتكون من أعضاء مفردة رباطية وعصبية وعروقية ولحمية.ومبدأ منبته جسم ينبت من عظم العانة رباطي كثير التجاويف واسعها وإن كانت تكون في أكثر الأحوال منطبقة وبامتلائها ريحاً يكون الانتثسار.وتجري تحت هذا الجرم شرايين: كثيرة واسعة فوق ما يليق بقدر هذا العضو وتأتيه أعصاب من فقار العجز وإن كان ليس غائصاَ كثير غوص في جوهره وإنما عصب جوهره رباطي عديم الحس والأعصاب التي منها تتتشر عند جالينوس غير الأعصاب المرخية التي منها تسترخي.وقد علمت العضل الخاصة بالقضيب في باب العضل.وفي القضيب مجار ثلاثة مجرى البول ومجرى المني ومجرى الودي ولتعلم أن القضيب يأتيه قوة الانتشار وريحه من القلب ويأتيه الحس من الدماغ والنخاع ويأتيه الدم المعتدل والشهوة من الكبد والشهوة الطبيعية له وقد تكون بمشاركة الكلية وعندي أن أصلها من القلب..فصل في سبب الانتشار: الانتشار يعرض لامتداد العصبة المجوفة وما يليها مستعرضة ومستطيلة لما ينصب إليها من ريح قوية بسوقها روح شهواني متين فينساق معه كثير وروح غليظة.ولذلك يعرض انتشار عند النوم من سخونة الشرايين التي في أعضاء المني وانجذاب الريح والروح والدم إليها.ومما يعين على هذا الانتشار كل ما فيه رطوبة غريبة متهيئة لأن تستحيل ريحاً تهيأ غير سهل فلا يقوى الهضم الأول على إحالتها ريحاً وعلى إفناء ما أحاله ريحاً وتحليله سريعاً بل يلبث إلى الهضم الثالث فهنالك ينفخ.واستعمال الجماع يقوي هذا العضو ويغلظه وتركه يذيبه ويذبله فإن العمل كما قال أبقراط مغلظ والعطلة مذيبة.وسبب الشهوة وحركاتها إما وهمي وإما بسبب كثرة الريح في الدم الذي يتولد منه المني وتغتذي منه آلات القضيب فينتفخ وينتشر ويكون لذلك بما يحرك من الشهوة لاستعداد العضو لذلك ولأن التمدد يطلب لذعاً.وأيضاً إذا حصل المني في أعضاء الجماع وكثر طلب الانفصال منها وحرك المواد فيها.وقد يكون الانتشار بسبب اللذع من مادة ذاهبة في الغدد الموضوعة في جانبي فم المثانة أو مادة رقيقة لطيفة تأتيها من الكلية كما تكون لحركة المني نفسه إذا احتد وكثر ولذع ومدد..فصل في سبب المني: المني هو فضلة الهضم الرابع الذي يكون عند توزع الغذاء في الأعضاء راشحة عن العروق وقد استوفت الهضم الثالث وهو من جملة الرطوبة الغريزية القريبة العهد بالانعقاد ومنها تغتذي الأعضاء الأصلية مثل العروق والشرايين ونحوها.وربما وجد منها شيء كثير مبثوث في العروق قد سبق إليه الهضم الرابع وبقي أن تغتذي به العروق أو تصل إلى الأعضاء المجانسة فتغتذي به من غير احتياج إلى كثير تغيير ولذلك يؤدي المني منه إليه.وعند جالينوس والأطباء أن للذكر والأنثى جميعاً زرعاً يقال عليه اسم المني فيهما لا باشتراك الاسم بل بالتواطؤ أو في كل واحد من الزرعين قوة التصوير والتصور معاً لكن زرع الذكر أقوى في القوة التي منها مبدأ التصوير بإذن الله تعالى وزرع الأنثى أكثر في القوة التي عنها مبدأ التصور وأن مني الذكر يندفق في قرن الرحم فيبلغه فم الرحم بجذب شديد وأن مني الأنثى يندفق من داخل رحمها من أوعية وعروق إلى موضع الحبل.وأما العلماء الحكماء فإذا حصل مذهبهم كان محصوله أن مني الذكر فيه مبدأ التصرير وأن مني الأنثى فيه مبدأ التصور في الأمر الخاص به.فأما القوة المصورة في مني الذكر فتنزع في التصوير إلى شبه ما انفصلت عنه إلا أن يكون عائق ومنازع والقوة المتصوّرة في مني الأنثى تنزع في قبول الصورة إلى أن تقبلها على شبه بما انفصلت عنه وأن اسم المني إذا قيل عليهما كان بإشتراك الاسم إلا أن يتحمّل معنى جامع ويسمى له الشيء منياً.وأما في المعنى الذي يسمى به دفق الرجل منياً فليس دفق الأنثى منياً.وبالحقيقة فإن مني الرجل حار نضيج ثخين ومني المرأة من جنس دم الطمث نضيج يسيراً واستحال قليلاً ولم يبعد عن الدموية بعد مني الرجل فلذلك يسميه الفيلسوف المتقدم طمثاً.ويقولون أن مني الذكر إذا خالط فعل بقوته ولم يكن لجرميته كبير مدخل: في تقويم جرمية بدن المولود فإن ذلك من مني الأنثى ومن دم الطمث بل أكثر عنائه في جرمية روح المولود وإنما هو كالأنفحة الفاعلة في اللبن.وأما مني الأنثى فهو الأس لجرمية بدن المولود وكل واحد منهما يغزره ما يولد دماً حاراً رطباً روحياً.وأما معرفة صحة أحد المذهبين فهو إلى العالم الطبيعي ولا يضر الطبيب الجهل به.وقد شرحنا الحال فيه في كتبنا الأصلية.وأبقراط يقول ما معناه أن جمهور مادة المني هو من الدماغ وأنه ينزل في العرقين اللذين خلف الأذنين ولذلك يقطع فصدهما النسل ويورث العقر ويكون دمه لبنًا ووصلا بالنخاع لئلا يبعدا من الدماغ وما يشبهه مسافة طويلة فيتغير مزاج ذلك الدم ويستحيل بل يصبان إلى النخاع ثم إلى الكلية ثم الى العروق التي تأتي الأنثيين.ولم يعرف جالينوس هل يورث قطع هذين العرقين العقر أم لا وأنا أرى أن المني ليس يجب أن يكون من الدماغ وحده وإن كانت خميرته من الدماغ وصحّ ما يقوله أبقراط من أمر العرقين بل يجب أن يكون له من كل عضو رئيس عين وأن تكون الأعضاء الآخرى ترشح أيضاً إلى هذه الأصول وبذلك يكون الشبه ولذلك يتولد من العضو الناقص عضو ناقص وأن ذلك لا يكون مالم تتسع العروق بالإدراك ولم تنهض الشهوة البالغة بالنضج التام والمني ربما تدفعه ريح تخالطه ولا بد..فصل في دلائل أمزجة أعضاء المني الطبيعية: علامات المزاج الحار ظهور العروق في الذكر والصفن وغلظها وخشونتها وسرعة نبات الشعر على العانة وما يليها وخشونته وكثرته وكثافته وسرعة الإدراك.ومن أحبّ معرفة مزاج منيه فليصلح التدبير ثم ليتأمل لون منيه.وعلامات المزاج البارد هي خلاف تلك العلامات.وعلامات المزاج الرطب رقة المني وكثرته وضعف الإنعاظ.وعلامات المزاج اليابس خلاف ذلك وربما خرج المني فيه متخيطاً.وعلامات المزاج الحار اليابس متانة جوهر المني وسبوق الشهوة بدفق عند أدنى مباشرة وتذكّر وأن يعلق كثيراً وتكون شهوته شديدة وسريعة وإنعاظه قوياً إلا أنه ينقطع عن الجماع أيضاً بسرعة فإن أفرط الحر واليبس كان قليل الماء قليل الإنزال مع كثرة الانتشار.وأما الشعر على العانة والفخذين وما يليها فيكون في الحار اليابس كثيراً كثيفاً.وعلامات المزاج الحار الرطب يكون أكثر منياً من الحار اليابس لكنه أقل شعراً وأقل إعلاقاً وأشد قوة على كثرة الجماع وليس أكثر شهوة وانتشاراً ويكون متضرراً بترك الجماع المفرط ويكون كثير الاحتلام سريع الإنزال.وعلامات المزاج البارد الرطب هي زعر نواحي العانة وبطء الشهوة والجماع ورقة المني وقلة الإعلاق وبطء الإنزال وقلته.وعلامات المزاج البارد اليابس هي غلظ المني وقلته ومخالفة.الحار الرطب في الوجوه كلها.وعلامة الأمزجة غير الطبيعية هي عروض العلامات التي للطبيعة بعد ما لم نكن ويدل على تفاصيلة الحس..فصل في منافع الجماع: إن الجماع القصد الواقع في وقته يتبعه استفراغ الفضول وتجفيف الجسد وتهيئهة الجسد للنموّ كأنه إذا أخذ من الغذاء الأخير شيء كالمغصوب تحركت الطبيعة للاستفاضة حركة قوية يتبعها تأئير قوي وأعانها ما في مثل ذلك منه الاستتباع.وقد يتبعه دفع الفكر الغالب واكتساب البسالة وكظم الغضب المفرط والرزانة وله ينفع من المالنخوليا ومن كثير من الأمراض السوداوية بما ينشط وبما يدف دخان المني المجتمع عن ناحية القلب والدماغ.وينفع من أوجاع الكلية الامتلائية ومن أمراض البلغم كلها خصوصاً فيمن حرارته الغريزية قوية لا يثلمها خروج المني ولذلك يفتّق شهوة الطعام وربما قطع مواد أورام تحدث في نواحي وكل من أصابه عند ترك الجماع واحتقان المني ظلمة البصر والدوار وثقل الرأس وأوجاع الحالبين والحقوين وأورامهما فإن المعتدل منه يشفيه.وكثير ممن مزاجه يقتضي الجماع إذا تركه برد بدنه وساءت أحواله وسقطت شهوته للطعام حتى لا يقبله أيضاً ويقذفه.وكل من في بدنه بخار دخاني كثير فإن الجماع يخفف عنه وينفعه ويزيل عنه ما يخافه من مضار احتقان البخار الدخاني.وقد يعرض للرجال من ترك الجماع وارتكام المني وبرده واستحالته إلى السمّية أن يرسل المني إلى القلب والدماغ بخاراً رديئاً سمّياً كما يعرض للنساء من اختناق الرحم وأقل أحوال ضرر ذلكْ ر لى أن تفحش سمّيته ثقل البدن وبرودته وعسر الحركات..فصل في مضار الجماع وأحواله ورداءة أشكاله: إن الجماع يستفرغ من جوهر الغذاء الأخير فيضعف إضعافاً لا يضعف مثله الاستفراغات الآخرى ويستفرغ من جوهر الروح شيئاً كثيراً للذّة.ولذلك أكثرهم التذاذاً أوقعهم فيَ الضعف وأن الجماع ليسرع بمسكثره إلى تبريد بدنه وتيبسه واستفراغه وتحليل حرارته الغريزية وإنهاك قوته وتهييجه أولاً للحرارة الدخانية الغريبة حتى يكثر عليه الشعر ثم يعقبه التبريد التام وإضعاف حواسه من البصر والسمع ويحدث بساقيه فتورا ووجعاً فلا يكاد يستقلّ بحمل بدنه وقد يشبه حاله بصرع خفي لذلك.وربما غلبت عليه السوداء ثم الصفراء ويعرض له دوار عن ضعف وشبيه بدبيب النمل في أعضائه يأخذ من رأسه إلى آخر صلبه ويعرض له طنين.وكثيراً ما تعرض لهم حميات حادة محرقة فيهلكون فيها وقد تحدث لهم الرعشة وضعف العصب والسهر وجحوظ العين كما يعرض عند النزع ويعرض لهم الصلع والأبردة ووجع الظهر والكلى والمثانة.والظهر يحمى أولاً فتنجذب مادة الوجع إليه وأن تعتقل منهم الطبيعة.وقد يورثهم القولنج ويبخرهم وينتن منهم الفم والعمور ويورثهم الغموم.ومن كانت في بدنه أخلاط رديئة مرارية تحرك منهم بعد الجماع قشعريرة ومن كانت في بدنه أخلاط عفنة فاحت منه بعد الجماع رائحة منتنة ومن كان ضعيف الهضم أحب به الجماع قراقر.ومن الناس من هو مبتلى بمزاج رديء فإن هجر الجماع كرب وثقل بدنه ورأسه وضجر وكثر احتلامه وإن هو تعاطاه ضعفت معدته ويبست.وأولى الناس باجتناب الجماع من يصيبه بعده رعدة أو برد أو ضيق نفس خفي وخفقان وغور عين وذهاب شهوة الطعام.ومن صدره عليل أو ضعيف أوهو ضعيف المعدة فإن ترك الجماع أوفق شيء لمن معدته ضعيفة وليجتنبه من النساء اللواتي يسقطن.وللجماع أشكال رديئة مثل أن تعلو المرأة الرجل فذلك شكل رديء للجماع يخاف منه الأدرة والانتفاخ وقروح الإحليل والمثانة بعنف انزراق المني ويوشك أن يسيل شيء في الإحليل من جهة المرأة.واعلم أن حبس المني والمدافعة له ضار جداً وربما أدى إلى تعبيب إحدى البيضتين.ويجب أن لا يجامع والحاجة الثفلية أو البولية متحركة ولا مع رياضة أو حركة أو عقيب انفعال نفساني قوي.وإتيان الغلمان قبيح عند الجمهور محرّم في الشريعة وهو من جهة أضر ومن جهة أقل ضرراً.أما من جهة أن الطبيعة تحتاج فيه إلى حركة أكثر ليخرج المني فهو أضرّ.وأما من جهة أن المني لا يندفق معه دفقاً كثيراً كما يكون في النساء فإنه أقل ضْرراً ويليه في حكمه المباشرة دون الفرج.
|